مُراجَعَة واقعيّة مِن الأردنّ

 تعود جوزفين غوب، الرئيسة التنفيذية ل Techfugees، في جولة للمخيّمات حول عمّان لترى بنفسها الواقع اليوميّ للاجئين/ات الذين يعيشون هناك. تابعْ/ي القراءة لاكتشاف الدروس التي تعلّمَتْها…  

إنّ جوهر وروح Techfugees هو التعاون، وبناء شبكات عالميّة من الأشخاص الذين يقوم كل منهم/نّ بواجبه. هذا يعني أنه كثيرًا ما يتعيّن عليّ أن أضع قبّعات مختلفة، واحدة منهن تنطوي على أن أكون عضوًا في هيئة المجلس النرويجي للاجئين (NRC).

عضويتيّ هذه لها العديد من الفوائد، منها الفرصة التي أُتيحت لي للقاء هذا الفريق المُذهل والمندفِع للغاية والاطلاع على إنجازاتهم/نّ حتى الآن. بالإضافة لتقديم النُصْح لهم/نّ حول إدماج التكنولوجيا بعملهم/نّ. إنّ NRC تحرص على تبنّي نهج تقوده التكنولوجيا وأكثر استنادًا للبيانات، لكن مع أخذ الحذر الشديد لتجنب إساءة استخدام بيانات الفئات المُستضعَفة.

عاِئدة إلى عَمّان

ليس هذا فقط إذ أنني وفي كلّ عام أقوم برحلة للقاء العاملين/ات الناشطين/ات في الميدان الذي يقومون بتنفيذ كل هذا العمل الرائع، إلى جانب لقاء الذين يستفيدون من هذه المشاريع. هذا العام وجدتُ نفسي في عمّان، في هذه الزيارة أمكن لي الحصول على فهم أفضل لكيفيّة مواصلتهم/نّ العمل في البرامج المختلفة في الأردن، بالإضافة لتقديم برامج في سوريا.

زيارة مدارس وورشات الشباب التابعة لNRC، مخيّم الزعتري، الأردن. حقوق الصورة NRC، آذار/مارس 2019

 

 

إنّ المجلس النرويجي للاجئين هو أكبر منظمة دوليّة غير حكوميّة عامِلة حاليًّا في الأردن، لذا فإنّ رحلات مثل هذه تعينني على استيعاب قيود العمل ضمن هذا النطاق. إنها دروس مُستفادة يمكنني أن أعود بها إلى غرفة الاجتماعات في هيئة ال NRC كما إلى عملي في Techfugees عند بحثِ التعاون مع المنظمات الدوليّة غير الحكوميّة الكبيرة.

إنّ تَسْيِيس المساعدات هو قضيّة على مستوى عالٍ من الأهمية. من الصعب أن تبقى مرنًا وتبقي تداخلاتك متمركزة على المبادئ الإنسانية عندما يكون تمويلك عالقًا بين البيروقراطيّة والمعايير المحاسبيّة.

على نحوٍ مماثل، هذه الذهنيّة يمكن أن تعيق الطريقة التي نُخصِّص بها التمويل. عندما يرغب أحد المانحين/ات بتخصيص تمويله على قضيّة واحدة فقط، لكن تطرأ مشكلة أخرى أكثر إلحاحًا، قد يكون من الصعب العمل وتحويل التمويل إليها نتيجة الإجراءات البيروقراطية.

بالطبع، إنّه لأمرٌ جيّد أن نتناقش في هذه المشاكل. من الصحيح أن تحظى المنظمات ذات المساعَدات الضخمة بالرقابة المناسِبة، لكن من الممكن أن يكون من الصعب مواكَبة ذلك وأنت في خِضم العمل على الأرض. كلّما ذهبت في زيارات ميدانيّة، كلّما ازداد إعجابي بالعمل الذي لا يهدأ وبصبر العاملين والعاملات في المجال الإنسانيّ.

 

مهارات الغد

أثناء زياراتي للمخيّمات بالقرب من الحدود السوريّة، التقيتُ أطفالًا وُلدوا هنا وأعمارهم الآن 6 سنوات. لقد أمضوا حياتهم كلّها في حالة انتقاليّة، منتظرين المرحلة القادمة التي لم تأت أبدًا.

أثناء إعطاء الدرس، مع صندوق الأفكار في الخلفيّة. صورة من جهاز آيفون.

 

في حالة هؤلاء الأطفال، هناك حاجة هائلة لتزويدهم بمهارات تعينهم على النجاح والازدهار في العالم الخارجيّ، بمجرد انتهاء بلواهم هذه التي دامت مدى حياتهم. إنهم يتلّقون حاليًّا تعليمًا في المخيّمات، جنبًا إلى جنب مع التدريب على مهارات مثل الخياطة والنجارة، لكن من الأهمية بمكان، في اعتقادي، أن نذهب إلى أبعد من ذلك.

إنّ منظمات مثل Libraries Without Borders (مكتبات بلا حدود)، على سبيل المثال، توفِّر صندوق من تكنولوجيا المعلومات لمخيّمات المهاجرين، وقدْ رأيتُها قيد الاستخدام هنا. هذا الصندوق يحتوي على ثروة من الموارد التي يمكن للأطفال استخدامها لتطوير مهاراتهم الرقميّة.

لهذه المبادَرات أهميّة بالِغة، فهي تضمن ألا يَجِدَ الشبّان والشابات أنفسهم لاجئين مرّتين في العالم الحقيقيّ وفي العالم الرقميّ أيضًا.

 

كسْبٌ أساسيٌّ للثقة

 

لقد كان واضحًا لي جدًّا عندما التقيت باللاجئين/ات في المناطق الحضرية في عَمّان. معظمهم كان يرى هاتفه على أنّه شريان حياة عاطفيّ، ووسيلة تواصل مع أحبّائهم ولمعرفة آخر الأخبار حول وضعهم. تمامًا مِثل باقينا، هذه الأجهزة ضروريّة جدًّا في بيئة رقميّة.

من بين جميع القصص التي سمعتُها، واحدة كان لها أهميّة خاصة في هذا السياق، التقيتُ بامرأة كانت قلِقة من استخدام الخدمات المعروضة لتخصيص المواد الأساسيّة كالخبز والمنتجات الصحيّة. إذ تمّت أتمتة هذه الخدمات بهدف تحسين التوزيع، لكن نتيجة مشاكل صحيّة، كانت هذه المرأة قد هربت من مخيّمها الأخير.

مسح ضوئي لقزحية العين(بصمة العين)، مخيّم الزعتري، الأردن. حقوق الصورة ل NRC, آذار/مارس 2019

 

بالنسبة لها، كانت هذه الخدمات الرقميّة مرادِفة للتعرّف عليها وتعقّبها ومعاقبتها على الفرار. لسنوات عديدة، كانت تدعم أطفالها الأربعة في السوق السوداء وفي اقتصادات المجتمع الهامشيّة للغاية.

تمكّن المجلس النرويجي للاجئين من إقناع هذه السيّدة بالتعامل مع السلطات، وبأنها بعيدة عن العقاب، لقد كانت مُسجَّلة بشكل قانوني في الأردن. هذا يعني أنه بالإمكان تسجيل أطفالها قانونيًا أيضًا، ممّا يمنحهم حق الوصول للرعاية الصحيّة، المدارس ووثائق السفر أيضًا.

من الأهميّة بمكان أن نبني أنظمة لخدمة هؤلاء الناس، وليس أقفاص لاحتجازهم. مِن خلال بناء ما يحتاجون إليه فقط، ومعهم، نبني الثقة ونمكِّنهم من المشاركة في العملية. إن حثّ الجهات المانِحة على رؤية التفاوت بين الاستراتيجية الكبرى والواقع الميداني يشكِّل تحديًّا رئيسيًّا.

 

قضيّة للإنسان

 

طوال رحلتي، دائما ما كنت أواجه نفس القصص. لاجئون يسعون لتجاوز صدمة اقتلاعهم من بلدهم، فقط ليتاح لهم الوقت للتعامل مع صدمة احتجازهم في مخيّمات، ومع افتقاد القوّة والقدرة على التحكم بمصائرهم.

رغم أنّه كان من المفترض أن تكون هذه المخيّمات مؤقَتة، إلا أن وضع هؤلاء الشبّان والشابات المقيمين فيها منذ فترة طويلة يحثّني على إعادة طرح تعريف كلمة ’ مؤقَتة ‘للنقاش.

ورشة خياطة للشبّان، مخيّم الزعتري، الأردن. حقوق الصورة ل NRC، آذار/مارس 2019

 

لهذا السبب، إنّنا الآن بحاجة أكثر من أيّ وقت مضى لروح Techfugees المُتمرّكِزة على حقوق وحاجات الإنسان. إنّ الدروس التي استخلصتُها من زيارتي ستساعدني عند عودتي لمكتب هيئة المجلس النرويجي للاجئين في وضع استراتيجيّة تتيح للاجئين/ات ترابطًا أقوى مع المجتمعات المُضيفة من خلال تزويدهم/نّ بمهارات تحسِّن فرص الحصول على وظيفة في سوق العمل المتنوِّع.

وعندما ينتهي هذا الكابوس ويحين وقت العودة إلى الوطن، سيتمكن هؤلاء الأطفال من المشاركة في إعادة إعمار بلدهم مستفيدين من المهارات التي اكتسبوها هنا. في الختام، أوّد أن أشدِّد على أنّه يقع على عاتقنا تمامًا أن يعود هؤلاء الأطفال إلى وطنهم وهم يشعرون بحُسن نيّتنا خلال فترة عمَلِنا معهم أو على العكس أن يشعروا بالصدمة والخوف وقلّة الثقة بالغرب.

This post was produced by the team at Sookio and translated by Chérine Ali, alumni TF /fellowship 2019 and volunteer translator with Techfugees

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *